الأربعاء، 6 ديسمبر 2023

معرض للكسر

المساء يأتي مجددًا 

ولا أعرف هل سيكون مثل باقي الأمس 

ام مثل باقي الأمسيات 

أهربُ من كل شيء 

من أمومتي 

من منزلي 

من واقعي إلى مخيلتي 

متجردةً منها بشكلٍ كاملً وبوعي تام 

أهربُ إلى ذاك المكان الذي أجدني فيه 

ذاك المكان الذي بنيتهُ بنفسي بدون قصد 

تلك المدينةُ الجميلة 

مدينة السلام 

مدينة الزهور والأيتام 

تلك المدينة التي أعيش فيها بكامل حريتي بدون قيود 

بدون عادات وتقاليد 

بدون تلك الشياطين التي تعبث بواقعي 

تلك المدينة 

مدينة الأحلام 

لا آحد يسكن معي هُناك غير تلك الأوجه الجميلةَ التي صنعتُها من مخيلتي حتى ولو كانت مجرد أوهام 

ذاك العالم الجميل أصبح مهربي ومتنفسي 

فهناك أجدني 

ذاك العالم الذي أصبح لي واقعًا أكثر من كونه مجرد خيال 

ذاك العالم الذي نسيتُ نفسي بهِ وأصبحت أرفض الخروج منه 

أرفض واقعي لآنه مشوهاً

ليس جميلًا كمثل واقعي 

شوارعهِ ليست كشوارع عالمي 

ملونةً بلونِ البحر تُبهجُ قلبي عندما أسيرُ فيها حافية القدم دون الخوف من أشواك تلك الشوارع السوداء وحرارتها التي لاترحم رغباتنا 

تلك الأرصفه الصفراء 

مزينة بأزهار النرجس تنشرُ عبقها بأرجاء المكان 

آه يالجمال عالمي 

لاشيء يزينةُ سوى تلك الأحزان التي صنعتُ منها وردًا على أساور منزلي 


تلك الأتهامات والآهات التي تنهال علي بواقعي 

أصطحِبُها معي إلى عالمي 

بنيت منها قصرًا من الزجاج لتعكس مالآ أشعُرَ بهِ هناك


ذاك القصر الجميل 

قصر الأوهام 

ذاك القصر الذي سجنتُ نفسي بهِ وحيدةً بدونِ  قصد 

لا آحد معي هناك 

ولكن 

نسيتُ انهُ مجرد زُجاج 

معرض للكسر

الثلاثاء، 9 مايو 2023

في إحدى السنوات الأخيرة

 ... في إحدى المقاهي


هُناك طفلةً جميلة

ذو الخامسة أعوام 

في شعرها مئة جديلة 

لديها وجنتان صغيرتان 

عيناها جميلتان ، وشفتاها ورديتان 

تدور حولي مع إبتسامة بريئة 

تنظر لي نظرةً تملائها شقاوةً لطيفة

مدت يدها إلى قطعة السكر التي تركتُها جانب قهوتي 

بحركة سريعة وضعتها بفمها وهي تهربُ مني ضاحكة 

تلك الطفلة الشقية كم تبدو بريئة 

تعتقِدُني لا أستطيع أن أشرب قهوتي بدونها 

نظرت إلي وكأنها منتصره .. أضحكتني 

يبدو أنها تُريد مداعبتي 

للحضةً ، فاجئتُها عندما شربتُ قهوتي السوداء أمامها 

علامات الدهشه على وجهها 

أبتسمت وقلتُ لها 

حبيبتي لازلتِ طفلةً صغيرة 

كنملةً تركضُ مُسرعةً نحو قطعةَ سكر 

لم تذُقي من الحياةَ إلا حلاوتها 

نظرت إلي بعينان لامعتان 

لم تفهمُني 

ابتسمت لي ثم هربت مني 


هربت إلى حضن فتاةٍ جالسةٍ في تلك الزاويةَ وحيده 

تلك الفتاة الجميلة تبدو غريبة 

أو رُبما حزينه 

تنظُرَ من شباك المقهى الى الحديقة 

بفكرها شارده 

هُناك دمعةً سقطت منها خفيةً 

حاولت اخفاءها ولكني لمحتُها 

يا تُرى ما قصةَ تلكَ المسكينة 

 

ألتفتت إلي صرفتُ ناظري عنها 

حتي لا تلتقي عيني بعينها 

ليس جُبناً

لكن هناك في تلك الأعين توجد قصةً مُثيرة 

وأنا 

لا أُريدَ سماعِها ، لقد قرأتُها سابقًا في إحدى السنوات الأخيرة 



هُناك شاب 

يجلسُ بإحدى طاولاتِ المقهى 

يبدوَ أنيقًا 

لا بل مُتأنقاً إلى حدِ الجمال 

تنبعثُ من ثيابه رائحة قويةً 

وكأنهُ غارقٍ في زجاجةِ عطرٍ لا يُضاهي عبقها سوى رائحة القهوة التي تفوحَ في أرجاءِ المكان 

يحملُ بيديه زهورًا بيضاءٍ جميلةً

تارةً يشمُها وتارةً يُداعبها 

تلك الابتسامة الخفيفة التي ترسمَ أطراف ملامحه الجذابةَ تبدوا جميلة

أمسك بهاتفهِ وهو بغايةِ السعادة ينتظر تلك الرسالة 

ألتفت ألي ، صرفتُ ناظري عنه 

أعلم بأنها لن تحضر سوف تتعذر بإحدى ظروفها الجديده 

مرت ساعة 

صوت تلك الرسالة 

تبدوا بأنها الرسالة الاخيرة 

جعلتهُ يقفُ غاضبًا رامياً وراءهِ تلك الزهور الجميله 


( ذاك الشاب لقد آثار غضبي لا أحب العابثين بالزهور ، 

لا ذنب لها بعبث طائشين ) 


رحل تاركًا وراءهِ طاولة و كرسيًا فارغ 

رائحة الفُراق تعبثُ بالمكان 


كم وددتُ اخباره بأنها لن تحضر 

أعرف تلك القصةَ المُثيرة 

لقد رأيتُها في إحدى السنوات الأخيرة 



هُناك عائلة صغيرة 

تتكون من أبٍ وأمٍ وطفلان شقيان 

يكادانِ   أن يُسببان لإمهم الجنان 

تلك الأم يبدوا عليها التعب ولكنها تحاول أن تكون سعيدة 

قطعة كعكٍ وفنجان قهوةٍ تلك الأشياء البسيطة 

ساهمت في إرضائها ؟ يالها من سخيفة 

غبيه آلا ترينّ 

ذاك الأبُ البشع البدين 

يتلصصُ بأعيُنهِ الحقيرةَ

إلى تلك النادلةَ الفقيرة 


يا لك من حقير أنت لا تستحقَ تلك العائلةَ الجميلة 


( كوبَ قهوتي أصبح فارغًا ) 


أيتُها النادلة 

هل لي بكوب آخرٍ من القهوةِ 

لم أستمتع برشفتةِ الأخيرة 


فالمشاهدُ أمامي تستحق من وقتي ساعةً أخيرة 






الخميس، 16 مارس 2023

بدايات أكتوبر

في بدايات أكتوبر بدأت مع حكاية لم تكتمل ولن تنتهي…


بدايات أكتوبر 

في ليالي الخريف الطويلة 

آلا تعني لك بدايات أكتوبر شيئًا ؟

آلا تُذكركَ لياليه الخريفيةَ الباردةَ بشيء ؟

ذاك المكان الهادئ على تلك الصخور البارده 

على ضوء القمر ، ورائحة البحر ، مع مذكرتي وكوب القهوة الساخنةِ ، وصوت طلال كان ونيساً لوحدتي 


آلا تذكر وأنت تقف في الجانب الآخر من شاطئ البحر 

وتنظر نحوي بأعين صياد 

أنت أيضًا كُنت وحيدًا ولم يكُن سِوانا حينها 


ألا تذكر عندما أقتربت مني وقلت لي أشعر بالبردِ 

هلا لكِ أن تُعطيني شيئًا منكِ لتدفئتي ؟


أتذكر ذلك ؟ 


ناولتك كوب قهوتي وقلت لك أنه لازال ساخنًا تناوله ربما قد يساعدكَ على الدفئ 


أتذكر عندما ضحكت على سذاجتي ، لم افهم حينها 

نعم كُنتُ ساذجه كادت البرائةَ وقتها أن تقتلني 


ألفُ شيطانةً في تلك الليلةَ صرخت بوجهي 

أنهضي لامكان لكِ هنا بيننا 

ارجعي إلى حيثُ أنتِ 

فالذي يقفُ أمامكِ ليس إلا شيطاناً متجملاً بثيابِ الشتاء 


ارحلي ولا تحاولي أن تلتفتي ورائكِ 

فإن فعلتي صدقيني ستقعي ، اعدُكِ بذلك 


ملامح الذهول والرُعب على وجهي ، وملامحك كانت واضحةً لي منذ البداياتِ 


آلا تذكر حينها عندما نهضت وقلت لك بأنك تُخيفني 

ما أنت إلا غريبً وستمُر من أمامي كمثل باقي الغرباء 

آلا تذكر تلك الدمعة الخائفةَ في عيني تُحارب حتى لاتسقط أمامك ؟


آلا تذكر ؟ 

أوووه لحضه فأنت لأتذكر فقد كانت  بالنسبة لك مُجرد بدايات 


بدايات أكتوبر بدايات الخريف الباردة ، ليالي الخريف الهادئه والليل الطويل 

كانت بالنسبة لي بدايةُ كل شيء جميل 

فهناك أسطورة تقول أكتوبر شهر الوقوع بالحب 

صدقني حينها كُنت لا أسمحُ لأحدٍ يتجاوزَ تلك الخطوط الحمراء المُقدسةَ التي صنعتُها بنفسي لأحمي مُقدساتي من تلك الشياطين البشريةَ التي تُحاول تدنيسها والعبثُ بِها 


آنا وقلمي ومذكرتي وقهوتي ولحنُ قلبي 

ومعزوفةُ أناملي على ورقي 

نحنُ

كُنا سُعداء قبل دخولك بيننا متلبسًا بثيابِ طاهرً 

بذاك الوجه الملائكي و تلك الأعيُنِ الجميلة المنكسرةَ 

ذاك الصوتَ العندليبي الذي أطرب وسحر مسامع قلبي بكلماته 

الجميلة الكاذبه 

تلك الابتسامةُ الحزينةَ المنافقة 

لقد أستوطنتَ كل مافيَ ياهذا

ودمرت كُل ثِمار قلبي و حصدت كل جميل زرعتهُ بمدينتي 

جعلتني أمشي بشوارع مدينتي حاملة جثماني بجسدٍ فارغٍ ندمانِ 

الم تمل من طعناتكَ المستمرةَ بقلبي 

وجروحكَ القاسية للحدِ الذي لايرحم 

وجُرمكَ للحدِ الذي لايغفر 

آيها المستوطن 

آما آن لك بالندمِ والتأسفِ بخراب مدينتي 

صدقني 

مهما جرى ستبقى جرحًا داخلي لايُنتسى 

ستبقى داخلي تلك الخيبه التي أدامتني حد الذبول والتبلُدِ

ستبقى ماضيًا وحاضري ومستقبلي 

ستبقي داخلي ذاك المجرم العابث الطليق الهارب من أدانتهِ أمام محكمتي !!!